28
فبراير
2023
فن الكاريكاتير بين نقد الواقع ومحاكمته قراءة في تجربة الفنان حسون الشنون .... بقلم عقيل هاشم
نشر منذ Feb 28 23 pm28 08:45 PM - عدد المشاهدات : 884

فن الكاريكاتير بين نقد الواقع ومحاكمته
قراءة في تجربة الفنان حسون الشنون
بفلم عقيل هاشم

فن الكاريكاتير كان دائماً وما زال نظرة تهكمية غريزية تعتمد على دقة الملاحظة وسرعة البديهة, مع نظرة تنقب عن السخرية في المواقف, من خلال تقاطيع الوجه وتعبيرات الجسد في شكل مختلف عن الواقع, ويهدف إلى الرمز في خليط من المبالغة مع الحفاظ على الشخصية والشبه في آن واحد
. الكاريكاتير كما هو متعارف عليه, هو رسم تشكيلي ساخر, وهو نوع من الفنون يعتمد الخط واللون والظل لبناء هيكله ويعبر عن فكرة ساخرة, ومع ذلك فإن الكثير من رسوم الكاريكاتير تستخدم التعليقات..
رسام الكاريكاتير يرى بأن الكاريكاتير من الضروري أن يعتمد على الخطوط لإيصال مضمونه إلى الجمهور بواسطة أدوات التعبير التشكيلية فقط، هذا يعني أن الرسوم الكاريكاتيرية وحدها تستطيع بخطوطها الوصول لهدفها وإيصال ما تريده .
وهو ايضا أنموذج فني وطراز يعتمد على الصورة الهزلية، وعلى المبالغة الفنية الساخرة للنقد الموجه، ونزعة المبالغة هنا للإشارة إلى النواحي السلبية للظواهر الحياتية للأشخاص، ومن أهم مميزات الكاريكاتير الخاصة والملازمة له: إظهار الصورة الهزلية كفن من الفنون الجميلة، لذا فإن فنان الكاريكاتير يستطيع طرح الكثير من الموضوعات، مازجاً الواقع بالخيال، موضحاً المبالغة والحدة للصفات المميزة للشخصيات المعروفة،
وبالتأكيد فإن الرسم الكاريكاتيري الذي يستغني عن النصّ الأدبي هو رسم فائق المهارة وهو صاحب الصدارة بين أنواع الرسوم الكاريكاتيرية, لأنه عدا عن اعتماده أداة تعبيرية واحدة (التشكيلية) فهو أيضاً ذو جمهور أوسع، إذ أنه قادر على الوصول إلى أوسع الفئات بغض النظر عن لغاتها,

ان مفهموم الرسم الكاريكاتير عند الفنان حسون الشنون هي هواية ومتعة شخصية . وتعبير عن الذات . ينشره رسوماته من على صفحات الفيس بوك . ويحاول الامتداد بمعية هذا الفضاء الافتراضي الى العالم الارحب . طارحا نفسه وافكاره المبدعة للمتلقي . وكأنها نوافذ مفتوحة على الضفاف . تستحم في داخل المفردة التشكيلية التي يرسمها . بحس عفوي تلقائي. ملتحف بالسخرية والتهكم والنقد عبر رسوماته الكاريكاتيرية الجريئة الصادمة. 
في رسوماته الكاريكاتيرية مساحة بصرية تفي بمتطلبات الخطاب الكاريكاتيري وتصلح لإقامة التواصل بين المتلقي والرسام تتشكل من مجموعة من العناصر البصرية التي يتوصل المتلقي إلى رسالتها المتضمنة بفعل القراءة لهذه المكونات.
الرسام يقوم بدور الراوي الذي لا يختفي وراء شخوصه وإنما يعمل على إبراز نفسه عبر توقيع يمثل إشارة تتطابق فيها الخطوط المعروفة مع التوقيع المدرج في مكان ما من الرسم، فحين يتعود المتلقي على خطوط لرسام معين لا يكون في حاجة للبحث عن التوقيع إذ يتعرف على صاحب الخطوط فور التعامل معها بصريا وإذا وقع بصره على التوقيع فثمة تطابق يحدث بين التوقيع والخطوط حيث يحل أحدهما محل الآخر وخاصة تلك الخطوط التي ينجح الرسام في تحويلها إلى توقيع يصبح بحجم المشهد المرسوم بعناية
يتأسس المشهد في رسوماته على مجموعة من الخطوط الدالة في حركاتها التعبيرية المؤسسة لما سيطرحه المشهد وهو ما يعني أن الرسام يعمد إلى تجهيز المشهد البصري بكل التفاصيل مهتما بكل  تفصيلة وكل خط .
تتحدث رسومات  الشنون عن معاناة الانسان في هذا العالم  . في ادق تفاصيلها . ولها الصدى الكبير عندما تشغله قضايا معاصرة يعاني منها المواطن الذي يطالب الحكومات بالعيش الكريم . والحريات ومحاربة الفساد والمحسوبيات ومن يسرقون لقمة العش المسكين . او من يبطشون بالجماهير الغاضبة التي خرجت تنادي بالخبز والحياة وحرية التعبير والحراك الشعبي المدني.
لهذا تصدى في رسوماته معبرا ما في دواخل الاخرين . محاولا استنطاق رسمه في مزاج شعبي جماهيري . وبإشكال مختلفة . ومواضيع شاملة . ترصد قضايا وطنه الذي يشهد حراكا مستمرا . مستفيدا من دور واهمية  الرسم في ايقاظ الشعور الوطني . وتقديم الواجب الفني . احد طرق اذكاء اليقضة الجماهيرية في اجدى تجلياتها العضوية .
  والفنان بصفته قائد اجتماعي ومعرفي في مجتمعه . ومن هنا يبرز دوره وخلق ضمير شعبي في وطنه من خلاله فنه الذي يهتم به الناس على مختلف مواضيع . ولهذا يبقى رسام الكاريكاتير من اهم الفنانين التشكيليين في حياة الناس . لأنه على تماس مباشر مع حياة مجتمعه بشكل يومي . مهما عصفت به الاحداث والظروف والازمات والتحركات في مجتمعاتنا الشرقية . التي تعاني تحديات شتى . ومن هنا يولد في ذلك الابداع الانساني الابرز . 
ليتحول الرسم هنا إلى وثيقة حياتية بصرية تعزز الإدانة ,لهذا اصبح وسيلة مثلى لقول الحقيقة في خطوط بسيطة . صعبة وممتعة ولكنها معقدة . تستحيل على العادي رسمها ومن هنا يمكن سر اسرار تميز اي رسام كاريكاتير . منطلق من محليته التي يراها حياة بين الناس.
لوحات الشنون تعتمد الحوار القائم على تقديم معلومة للمتلقي، فيما يجعل المتلقي ينجز الجملة الوصفية الممهدة لفهم الحدث كما يستفيد الكاريكاتير من الدراما بتصوير المشاهد فالمشاهد الحوارية، ومشاهد التعليق على الأحداث تتسع لتستوعب عددا أكبر من الأشخاص حسب قدرة الرسام على تقديم عالم المشهد وتنظيم توالي حضور الشخصيات.

اذن فن الكاريكاتير وسيلة اتصالية بالجمهور للتعبير عن القضايا الاجتماعية التي يعيشها المواطن في مجتمعه، مما يحفز المتلقي إلى توقع الرسالة عبر توقع المضمون النصي والعلامات الجديدة التي تنضاف يوميا إلى ماهو معهود من علامات تتكرر في المشهد، 
في الغالب تعتمد رسومات الشنون على المفارقة في المشهد الكاريكاتيري على عنصري اللغة والصورة، حيث اللغة تطرح رؤية شخص ينطق بما هو مفارق تماما لما يراه هو ويراه المتلقي، مما يعني أن الأساس إنتاج المفارقة هو رؤية الشخصية الناطقة داخل المشهد قبل أن تنتقل إلى المتلقي الذي يأتي في المرحلة الثانية بما يكتشفه من حدود المفارقة
الدور الذي يلعبه الكاريكاتير كأداة للتواصل بين المجتمعات على اختلاف علومهم وأفكارهم ومشاربهم ولغاتهم وجنسياتهم, لما فيه من أهمية وجدية تعكس الحياة السياسية والاجتماعية بهدف إثارة قضايا مركزية ذات اهتمام مشترك, في محاولة لاستكشاف رؤى قادرة على استثمار كل أدوات المعرفة ومرتكزاتها وكشف ما وراء الأحداث.
 لهذا يعتبر فن الكاريكاتير الأكثر شعبية بين باقي الفنون التشكيلية الأخرى، فهو يحظى باهتمام واسع من قِبل القراء ما يثير الرغبة في النفس للغوص في أعماق هذا الفن الخطير، الأقوى والأشد في أساليب الدعاية والإعلام فعالية، ولإلقاء الضوء على آليات فهم "النصّ الكاريكاتيري" وتجليات تكوينه
فلوحات الشنون في مجملها  هي رمزية يلجأ إليها الفنان لكي يعبر بها عن ظاهرة اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية بصورة جذابة ؛تلخص العديد من الأفكار الأخرى ،وهو بالأساس فن السخرية والتهكم ،وأن موهبة الكاريكاتير تستدعي وجود عين لاقطة تستأثر بالأشياء المحيطة به وتستلهم بالأفكار الاجتماعية وغيرها التي اتسمت بخفة الدم والقسوة الشديدة معاً.
واخيرا اقول  ليس بمستطاع كل فنان أن يكون رساماً كاريكاتيرياً، لأن رسام الكاريكاتير يستطيع أن يختلق موضوعات مختلفة وحساسة لرسمه الكاريكاتيري, والفنان يجب أن يكون مبدعاً لإنتاجه منذ البداية وحتى النهاية,
وان المفهوم الحقيقي لهذا الفن  ليس التفكير في الموضوع من قبل (مقترح النصّ) فقط, وإنما هذا يحتاج إلى تحويله بطريقة فكاهية ظريفة غير منتظرة, مع عمق يكشف ماهية وجوهر الموضوع المقترح, وضرورة وجود اقتران غير متوقع مع عمق يكشف ويفضح جوهر الظاهرة
فالأساس في الكاريكاتير هو السخرية, وإن غابت السخرية غاب الكاريكاتير, وهذا ينطبق على النصّ –التعليق- في الكاريكاتير , وإذا رأى الفنان أن الحصول على التجاوب المذكور بحاجة إلى نصّ –التعليق- فإن هذا باعتقادنا ليس نقصاً في الكاريكاتير, وإنما إتقان لنوعين في الفنون الساخرة هما السخرية التشكيلية والسخرية الأدبية والمهم هنا, أن يختار الفنان النص المناسب الموفق والمطلوب.

صور مرفقة




الملفات المرفقة



أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
اعلانات تجارية
اعلانات تجارية
استطلاع رأى

هل انت مع الجيش العراقي ؟

0 %

0 %

0 %

عدد الأصوات : 0

أخبار