27
فبراير
2019
وظيفة الراوي في قيامة وطن
نشر منذ Feb 27 19 pm28 06:49 PM - عدد المشاهدات : 1264

وظيفة الراوي في ( قيامة وطن )    
للكاتب غفار عفراوي
المهندس الناقد : يونس فاخر عودة
.
      القصة القصيرة جدا جنس أدبي حديث يمتاز بقصر الحجم والإيحاء المكثف والنزعة القصصية الموجزة والمقصدية الرمزية المباشرة وغير المباشرة، فضلا عن خاصية التلميح والاقتضاب والتجريب والنفس الجملي القصير الموسوم بالحركية والتوتر وتأزم المواقف والأحداث، بالإضافة إلى سمات الحذف والاختزال والإضمار. كما يتميز هذا الخطاب الفني الجديد بالتصوير البلاغي الذي يتجاوز السرد المباشر إلى ما هو بياني ومجازي ضمن بلاغة الانزياح والخرق الجمالي. وهو نوع من الفنّ الأدبي الذي شاع في العصر الحديث بشكل واسع، واستطاع أن يتحول إلى فن سردي قائم بذاته، ويتميز بحجمه الصغير جداً، والذي لا يتعدى البضعة أسطر التي تحتوي على الحدث والأفكار بشكل مكثف ومختزل، كما يتميز هذا الفن الأدبي بالتصوير البلاغي الذي يطغى على السرد المباشر.      
       وقد استطاع القاص غفار عفراوي من الاقتراب لهذه الفكرة وتطبيقها على كل قصة من مجموعته إذ تمكن من الانتقال ما بين الإسلوب الأدبي، الهدف من القصة، المغزى الضمني، الطرح الجريء للفكرة . مع تأثره الواضح بأسلوب الأدب الإنكليزي أو الخلفية العلمية الجيولوجية لها . لكن هذا لم يمنع أن يكون إستخدامه للغة إنسيابياً سرديا يكاد أن تنطبق عليه مقاييس السرد في القصة القصيرة مع احتفاظه بوعده ان تكون كل نصوص المجموعة القصصية من نوع القصيرة جدا ؛ إذ ليس هناك أي تجاوز للنص عن مكان الصفحة إلى صفحة أخرى .
 وفي ضوء ما تقدم تتحدد مساحة النص الكبيرة والصغيرة وغيرهما من أنماط أخرى, لذا وجب النظر إلى النص ومعاينته بوصفه كيانا بنائيا خاصا , وفحصه استنادا إلى هذه الخصوصية فلا يمكن نقل خصوصيته إلى كيان سردي آخر، وقد شاعت القصة القصيرة جدا بأنماطها المتعددة في الأدب العربي الحديث والمعاصر , إذ إنها تتيح للقاص أن يتابع مواقفه باتجاه واحد ,فهي ( رؤية ممتدة باتجاه واحد يوجهها شعور واحد ) (عز الدين اسماعيل ، 1981 : 252) الأمر الذي حدا بالنص القصصي عند القاص عفراوي أن يكون بناءه السردي يمتلك خصوصية المفهوم للنص الواحد ، مع الاحتفاظ بالمغزى الحقيقي لقصصه جاهزاً، لكنه يترك القارئ يسرح بخياله باذلاً جهده للوصول إلى المغزى الضمني للقصة، وهي تعطي للقارئ حرية الوصول إلى هذا المغزى والنتيجة قد تكون مختلفة ما بين قارئ وآخر وهذا يكاد يشبه لوحة سريالية تتوزع أجزاءها بأشكال مختلفة ثم تجتمع لتبين فحوى واحد وهدف واحد للقصة . كما في نص ( احتلال ) ....في الصباح فتح عينيه الشاحبتين على أشعة الشمس المنعكسة من دم حمامة .
 وقد لاحظت أن قصص المجموعة قد إستوحت من الشعر إسلوبه ومن الفن التشكيلي طريقته في بسط الحقائق .حيث جاءت رومانسية جميلة في ( تأويل انثى ) و ( شبق) . تميز إسلوب القاص عفراوي بالنفس القصير اللاهث وصولاً إلى الهدف وهي تصدم القارئ أحياناً بما لا يتوقعه . من خلال استخدام كتابة الكلمات بالصوت مثل ( وشششششش ) التي عبرت عن معاناة الإنسان باعتماده على حداثة التكنولوجيا التي تثير نزعة القارئ نحو دافعية الغضب النفسي .
 و من خصوصيات هذه المجموعة أرى أن القارئ يستمتع بالتفصيلات وبالسرد الدرامي وبالنفس الطويل للكاتب، عبر اختيار القاص النوع القصصي الذي يستمتع فيه القراء ( النخبة ) الذين لا يحتاجون إلى الكثير من التفصيلات لمعرفة الواقع والهدف ؛ إذ أن القارئ العادي يرغب بالعيش مع الأحداث ومع الشخصيات وأن يتقمصها ليهرب من واقعه، وكما يحب المتحدث أن يختصر بالوصف لكي يستمتع بما يصفه، ف ( أبواق ) كان نص هادف ، بإمكان الآخرين ( فتقه للآخر) كي يستطيل إلى رواية ، لكن القاص عفراوي كان ذو نضج كبير بمعرفة مزاج القارئ ليختصر له معاناة المتابعة .

صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
اعلانات تجارية
اعلانات تجارية
استطلاع رأى

هل انت مع الجيش العراقي ؟

0 %

0 %

0 %

عدد الأصوات : 0

أخبار